Archive

لبنان موطن المجد

لبنان، كلمة معشوقة على الوقع والأثر، أرددها، فتتلألأ في مخيّلتي لوحات استراح الجمال في ثناياها، لوحاتٌ صنعتها يد الرحمن وتعجز عن رسمها ريشة أعظم فنان. ركّزت عزّك يا وطني بالإختراع العبقري الذي سافر على سفينة تمخر العباب، وتروّض الصعاب. بحرٌ، تروح وتجيء موجاته، فتتحوّل إلى مرايا تعكس أسمى آيات الروعة. تتعانق أهدابي فأرى حوريات الجمال ترفّ بأجنحة النور، تجرّ وراءها وشاح السّحر على تراب غابة الأرز العتيقة، القديمة قدم الزمان. قبعات خضراء تلوح لي من بعيد، تتطاول لتلثم خدود غيمات خجولة، ها هي الجبال الشامخة متواضعة مستكينة بين صفوة السماء والسهول السندسية الخضرة التي روتها دموع السماء وسقتها دماء الشهداء. تسحرني طرابيش منازلك التي تقبّلها أشعّة الشمس لتترك على وجنتيها حياءً دهرياً. أرضٌ عليها ملاحم بطولات، تحت كل حجر من حجراتها حفنة جواهر من كنوز الحضارة.

لبنان، يا ملكاً انحنى لعظمته شاطئ المتوسّط، بريق تاجك وصولجانك أغرى الطامعين، فسلّطوا عيونهم نحوك وبتّ حلماً يراودهم على مسرحك تعاقبت شعوبٌ نهلت من ينابيع جمالك، وعظمة حضارتك وتركت آثارها في مدنك، من جبيل مدينة الحرف إلى بعلبك مدينة الشمس، لتبوح بأسرار تاريخك العريق المجيد.

وطني، أيها الملك الصامد أمام غدر الزمان، أيّها المستريح على كتف العزّة والأنفة والشموخ، ها نحن اليوم وبعد خمس وسبعين سنة، نحتفل بذكرى إستقلالك النور الذي سطع في آخر النفق فأشرقت منه شمس الحرّية التي بدونها حياتنا قحطٌ وموتٌ محتّم، الإستقلال الذي استشهد من أجله فرسان البطولات. إستقلالاً حوّل لبنان إلى مملكة السلام، مملكة ناصعة البياض، في جنّاتها استراح الياسمين، وفي سمائها خفقت رايات شفّاقة.

سلامٌ من روحي إليك يا لبنان، سلامٌ إليك عند كل مطلع شمس وطلّة قمر، سلامٌ على كل شبرٍ من أرضك الغالية. سلمت كل ذرّة من ترابك الحبيب وسَلِمتَ لنا، ودُمتَ معقل الأبطال وبرج حرّية يعانق الشهب.

                         ماريا فاخوري

                          أوّل ثانوي ج

17

Image 5 of 19